الأمير الراحل عبد الرحمن السديري سيبقى حياً بإنجازاته وحاضراً بصفاته
كاتب الموضوع
رسالة
غيدا الحموان Admin
المساهمات : 15 تاريخ التسجيل : 16/01/2017
موضوع: الأمير الراحل عبد الرحمن السديري سيبقى حياً بإنجازاته وحاضراً بصفاته الخميس يناير 19, 2017 10:53 am
لا يمكن لمن حفروا حضورهم بقوة على خريطة الوطن أن يغيبوا، ولا يمكن لمن بذلوا أعمارهم في سبيل هذا الوطن أن يغيبوا، طالما أن هذا الوطن بشرائحه كافة مليء بالمنصفين والاخيار الذين يعطون لكل ذي حق حقه، ومعالي الأمير الراحل عبدالرحمن السديري - غفر الله له - كان واحداً من هؤلاء الرجال الكبار بأفكارهم وأفعالهم، - رجلاً تتسم شخصيته بقدرة كبيرة على قيادة الامور وإدارة المواقف، ووضع الحلول المدروسة لها، كان يتعامل مع الجميع بمبدأ واضح يعلنه ويسجله قولاً وفعلاً، حيث كان يقول - رحمه الله-:
الكبير منكم بمثابة الوالد
والاوسط منكم بمثابة الأخ
والصغير منكم بمثابة الابن
وبهذا الاسلوب الحكيم استطاع أن يحقق لمنطقة الجوف التي ظل أميراً لها ثمانية وأربعين عاماً العديد من الانجازات التي اكسبته ثقة القيادة السعودية، كما اكسبته احترام ابناء المنطقة كبيراً وصغيراً، وأثناء توليه امارة منطقة الجوف التي تولاها عام 1362ه عندما كان في الرابعة والعشرين من عمره ابتكر الكثير من الاولويات التي حسبت للجوف، ولم تكن موجودة في سواها، ففي مجال احياء التراث اقام السباق السنوي للهجن منذ عام 1382ه بهدف الحفاظ على هذا التراث العربي الاصيل، كما أسس دار الجوف للعلوم (مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية) على نفقته الخاصة، ساعياً الى أن تكون مجموعاتها العامة والخاصة مركزاً للدراسة والبحث، ونشر الدراسات المتعلقة بالمنطقة، والحفاظ على تراثها الادبي والاثري، فكانت الينبوع الثقافي الاول في منطقة الجوف، وهذه المؤسسة ما زالت معطاءة، حيث يشرف عليها ابناؤه الكرام الذين يبذلون كل ما بوسعهم للحفاظ على منارة والدهم العلمية والتعليمية، كما انشأ - رحمه الله - جمعية تعاونية متعددة الاغراض تخدم أهل المنطقة، وجمعية للوقاية والعلاج شهدتها الجوف لأول مرة قبل خمسة وثلاثين عاماً، إضافة الى انشاء جائزة للمزارعين تعكس اهتماماته الكبيرة بشؤون الزراعة التي كان لها الأثر الكبير في التنمية الزراعية التي جعلت منطقة الجوف واحدة من أهم المناطق الزراعية بالمملكة، وقد قام الأمير عبدالرحمن السديري - رحمه الله - بدور مهم في العديد من اللجان المعنية بشؤون المنازعات الحدودية، فقد شارك وترأس لجنة المنازعات وتحديد الحدود بين المملكة العربية السعودية والعراق، كما شارك في لجان نظام المقاطعات التي نتج عنها المرسوم الملكي بتحديد المناطق وانظمتها، وفي كل ما يتصل بشأن منطقة الجوف، كان - رحمه الله - يتابع الوزارات والجهات المختصة بنفسه لتحقيق مطالب المنطقة، ومتطلبات ابنائها، بل انه عندما كانت تأتي الوفود العربية أو الأجنبية لزيارة منطقة الجوف، كان يحرص على أن يقدم لهم بنفسه المعلومات الوافية عن جغرافيتها وتاريخها وارثها الحضاري،وكأنه دليل سياحي متخصص، ورجل تاريخ بارع، فقد كان - رحمه الله - صاحب عقلية منظمة أخذت من كل الجوانب العلمية والمعرفية، وكونت شخصية فريدة، كان حليماً حينما يكون الحلم مطلوباً لمعالجة الامور، وكان حازماً حينما يكون الحزم هو الخيار الامثل للسيطرة على الموقف، يلبي الدعوة في الافراح، ويزور المرضى والمسنين في منازلهم، وبحسن إدارته و وضوح سياسته و قدرته الفائقة على إدارة الموقف والأزمات، حصل على شهادة الملك عبدالعزيز من الدرجة الثانية، وهو يعد من الاوسمة الرفيعة المستوى، التي لا يحصل عليها إلا من يتمتع بشخصية فريدة للشخصيات المهمة والمؤثرة، لكنه كان - رحمه الله - يعتبر أن القيام بدور نهضوي تنموي في منطقة الجوف هو الوسام الحقيقي، لأن نتائجه تنعكس بشكل مباشر على الناس، وتحقق لهم طموحاتهم في نهضة منطقتهم التي تعد جزءاً عزيزاً من خريطة الوطن السعودي الكبير، وما يؤكد حرصه على ابناء المنطقة منطقة الجوف أن أميرهم يعيش في معزل عنهم، لأن أبواب مكتبه في الامارة و أبواب مجلسه في المنزل كانت مفتوحة للجميع، للمواطنين والمقيمين، ونظراً لإرتباطه المباشر بالمواطنين، كان يعرفهم بفراسة العربي الاصيل، وإلى جانب الصفات القيادية التي جعلته واحداً من الشخصيات المشهود لها بالكفاءة والتفاني في خدمة هذا الوطن، كان - رحمه الله - يتمتع بحس انساني رفيع، فكان شاعراً و أديباً، ورجل علم يعلي من شأن المعرفة ويعتبرها السبيل الأمثل للنهوض بالأوطان والمجتمعات، وهو صاحب كتاب (الجوف - وادي التفاح) الذي صدر باللغتين العربية والانجليزية، وصدر له ديوان شعري ضم مجموعة قصائده، وكانت لديه مشاريع أخرى لإصدار العديد من الكتب، لكن المسؤوليات الكبيرة التي أوكلت اليه، لم تعطه الوقت الكافي ليحقق كل احلامه في هذا المجال الادبي العلمي، لكنه على مدى الثمانية والاربعين عاماً التي تولى فيها إمارة منطقة الجوف حقق أحلام المنطقة وابنائها، و أسهم مساهمة فعالة في نهضتها وتعليم ابنائها، لتواكب الجوف النهضة التي تعيشها المملكة في مختلف المستويات، و ان كان الأمير عبدالرحمن السديري قد رحل فإنه سيظل حياً بانجازاته، وحاضراً بصفاته وموجوداً بما تركه من ارث اخلاقي وحضاري في منطقة الجوف، وفي نفوس ابنائها.
الأمير الراحل عبد الرحمن السديري سيبقى حياً بإنجازاته وحاضراً بصفاته
الرئيسية 
